الأمير الوليد بن طلال مغرم بمصر. كلما مر علي حجر في رصيف أشار إلي مساعديه: أنا عايز من ده. حتي اشتري كل شيء تقريبا. والنظام المصري يبيع ويكسب وحد الله الشعب لم ير مليما ًواحدا.ً ونحن في انتظار أن نوضع علي منصة البيع: عبد مصري، يحسن الغناء وإلقاء النكات، ويتحمل الكثير من الإهانة بوجه مبتسم.. جارية مصرية، ارقصي يا جارية.
وماله؟ الوليد بن طلال أحسن من الغريب. أخ عربي كريم، وابن أخ عربي كريم، عزيزي المواطن لا ترتبك من فضلك وتقول: الله بقيييي، هم مش أيام ماتش الجزائر قالوا لنا مافيش عروبة؟ إيه اللخبطة دي؟ ربنا ما يجيبش لخبطة، أحيانا يكون هناك عروبة وقومية وإخوة، وأحيانا لا، المثل قال لك: العربي ما يعيبوش إلا جيبه.
كان الوليد بن طلال يريد شراء القرصاية، وكرامة للعروبة والدين والإنسانية، عمد النظام إلي طرد الفلاحين، بل وتهديدهم بالجيش، إلا أن الفلاحين حفروا قبورهم وناموا فيها وقالوا: ليشتري الوليد جثثنا مع الأرض. وبهذا انتصر القبر علي المال في مصر، تماما كما انتصر الدم علي السيف في فلسطين ولبنان.
ولأسباب مجهولة الهوية، اشتري الوليد بن طلال خير ما نفخر به، ونتيه به: التراث السينمائي المصري. بسبعين ألف دولار. أي والله. سبعون ألف دولار، ثمن تراث علم الوطن العربي كله اللهجة المصرية، وأضحك وأبكي وحمس وأثار مشاعر وأطرب شعب من المحيط إلي الخليج. بيع التراث للوليد بن طلال، وفيه فلذاتنا من خلاصة إبداع الفنان المصري.
أخ عربي كريم، وابن أخ عربي كريم. فداك الناصر صلاح الدين وجميلة بوحيرد يا بن طلال. لكن الوليد أدخل علينا مردوخ ونحن نقف تحت دش أمواله عرايا، وكشفنا عن الغريب، وباع تراث السينما المصرية للمياردير الصهيوني روبرت مردوخ. ويقول الوليد بن طلال: مردوخ ليس يهوديا! يا حلوة.. مردوخ صهيوني عتيد، يمتلك القنوات اليمينية في الغرب التي تشن هجوما علي العرب والمسلمين والفلسطينيين بالتحديد ليبرر قتلنا وإلقاء القنابل الفسفورية لحرق أطفالنا. مردوخ ليس يهوديا، وأعدي أعداء الصهيونية الذي شرد من عمله وهددت حياته بسبب دفاعه عنا نورمان فنكلستاين: يهودي. فماذا تعني جملة: مردوخ ليس يهوديا؟
مردوخ قاتل مثله مثل بوش وأوباما، لأنه مسئول عن تأهيل الرأي العام الغربي لقبول الغزو علي أفغانستان والعراق والاستمرار في دعم إسرائيل من خلال إعلامه الحقير الذي يمتلكه.
ثم ماذا يريد مالك الصانداي تايمز والديلي ميرور وتيلفزيون سكاي وشبكة فوكس - شبكة معادية للعرب والمسلمين لدرجة تثير سخرية الأمريكيين أنفسهم - من تراث مصر السينمائي؟ نحن دولة مسكينة، نامية، من العالم الثالث، أفلامنا لا تدخل المهرجانات إلا علي الهامش. ما الذي يمكن أن تضيفه نعيمة عاكف لمالك إعلام الدنيا مقروءا ومسموعا ومرئيا؟ ولماذا أيها الأخ الكريم وابن الأخ الكريم تسلم تراثنا الذي استأمناك عليه لخواجة أيا كان؟ تشتريه، وتبيعه لصهيوني هو شريكك بالأساس، ونعود نحن ونشتري ما بعناه - بسعر التراب - بثلاثة مليار دولار؟
بالطبع ليس مردوخ هو اليهودي