من 45 عاماً رشح المخرج "فطين عبد الوهاب" الممثل الكوميدي "عادل إمام" للمشاركة في فيلم "أنا وهو وهي".. الفيلم إنتاج "فريد شوقي" بطولة "عادل إمام" و "شويكار" و "توفيق الدقن".. وكان مع "عادل إمام" فنان كوميدي آخر شاب وهو الراحل "الضيف أحمد" وهما في طريقهما لمقابلة المنتج والحصول على الأجر اتفق كل من "عادل" و "الضيف" أنهما لن يضعفا أمام "فريد" وسوف يطالب كل منهما بالحصول على مائة جنيه أجراً ولن يقل بأي حال عن 70 جنيهاً ولكن بمجرد أن شاهدا "فريد" فقدا النطق رغم أنه منح كل منهما 50 جنيهاً فقط لا غير!!.
"عادل إمام" الآن لا يستطيع أحد أن يجادله في أجره فهو يتقاضى أعلى أجر في السينما المصرية والعربية بل إن أجره يصل إلى ضعف ما يحصل عليه النجم العالمي "عمر الشريف" في السينما المصرية حيث يقترب "عادل" من رقم 14 مليون جنيه بينما "عمر الشريف" لم يتجاوز سقف الـ 8 مليون جنيه فقط لا غير!!.
الرقم هو دلالة مباشرة بلغة السوق على أن هذا الفنان مطلوب وأن لديه جمهور ينتظره في مصر والعالم العربي وأن القنوات الفضائية تمنح أفلامه سعراً مختلفاً استثنائياً بالطبع.. هذا هو ما يعلنه الرقم ولكن ما الذي يمارسه صاحب الرقم تلك هي المشكلة.
تستطيع أن ترى آخر أفلام عادل إمام "بوبوس" لن تعثر سوى على لهاث لا ينقطع من "عادل إمام" لكي يغازل شباك التذاكر بالكلمة والموقف ودائماً وسيلته الأثيرة هي العري والجنس والفياجرا.. اللعب بهذه المفردات هو طريق "عادل" لكي ينتزع الضحكات.. هذا هو على الأقل ما يعتقده.. دائماً أقراص الفياجرا لا تغادر جيبه يدفعها كرشوة على سبيل المساعدة لكل من يقابله ولا شيء أبعد من ذلك؟!! .
القضية الكبرى التي كان ينبغي أن يتناولها الفيلم هي رجال الأعمال وعلاقتهم بالسلطة السياسية حيث أن الدولة صنعت مظلة لعدد من رجال الأعمال وتوثقت علاقتهم بالسلطة بما يعرف بزواج السلطة مع أصحاب رؤوس الأموال وباتت تتستر عليهم.. ولكن لم يخلص الكاتب "يوسف معاطي" للفكرة واتجه صوب علاقة هامشية ربطت بين "عادل إمام" صاحب المشروعات الوهمية والمتعثر مع "يسرا" التي مات زوجها رجل الأعمال المتعثر أيضاً ويجدها "عادل إمام" - مع مؤلفه الملاكي- فرصة لكي يقدم مشاهد جنسية مجانية تجمع بينهما.
الخط الدرامي الموازي الذي صنعه الفيلم هو المواطن المصري البسيط متمثلاً في "أشرف عبد الباقي" و خطيبته "مي كساب" حيث يسعيان للارتباط ولا يملكان من حطام الدنيا إلا "توك توك" صغير يساعد "أشرف" على اكتساب لقمة العيش.. هذا الخط أيضاً لم يخلص له السيناريو.. بل إنه من أجل محاولة لكسب التعاطف مع "عادل" و "يسرا" نسج بينهما قصة حب يضحي كل منهما في سبيل الآخر.. رغم أن البناء الدرامي للشخصيتين يجعلهما يضحيان بكل شيء -وتحديداً الآخر- من أجل الفلوس؟!.
لا أتصور أن معدل الأرقام التي يحققها "عادل إمام" في شباك التذاكر سوف ينصفه هذه المرة.. الفيلم في أول أسبوعين للعرض لم يستطع أن يحقق ما تعود عليه "عادل" حتى في أسوأ أفلامه وحالاته الفنية.. وعندما يخفت صوت الرقم فعلى "عادل" أن يبدأ في إعادة حساباته.
أتمنى بالفعل أن يفعلها "عادل إمام" وليس أمامه طريق آخر.. يحتاج "عادل" إلى أن يتمرد على "عادل" أن يحطم تلك الصورة الذهنية التي صنعها لنفسه في الأفلام وهي تخاصم المنطق وأيضاً تتجاوز بكثير المرحلة العمرية التي يعيشها الآن.. ليس مطلوباً من "عادل إمام" أن يتخلى عن دور البطولة ولكن عليه أن يبحث عن مساحات درامية أخرى سواء على مستوى الفكرة التي يتحمس لها أو الشخصية التي يؤديها.. مطلوب منه أيضاً أن يتعامل مع كاتب سيناريو يمنحه الجديد ولا يتحول إلى ترزي وأن يبحث عن مخرج قادر على أن يقود العمل الفني ويوجهه كممثل لا أن يصبح مجرد مخرج منفذ لما يريده "عادل".
تسألني هل يفعل "عادل إمام" ذلك أو حتى بعض من ذلك؟ أقول لك أبداً.. سوف يستمر في التحدي حتى يكتشف أنه لا يتحدى إلا نفسه وأن "عادل إمام" لا يقهر سوى "عادل إمام"!!.