نعيش مع أحدثالاكتشافات العلمية حول المنطقة التي يلتقي فيها النهر العذب مع البحرالمالح، وكيف يتطابق العلم الحديث مع ما جاء به القرآن قبل أربعة عشر قرناً
يقولتعالى: (وَهُوَالَّذِيمَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هَذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌأُجَاجٌوَجَعَلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا) [الفرقان: 53].تحدثت هذه الآية عن نعمة من نعمالله تعالى علينا، وهي أن جعل بين النهرالعذبوالبحر المالح برزخاً منيعاً يمنع طغيان أحدهما على الآخر ويحافظعلىالتوازن المائي على كوكب الأرض، ولذلكقال: (وَجَعَلَبَيْنَهُمَا بَرْزَخًا). ونلاحظمن هذهالآية أن البحر يمكن أن يكون عذباً فراتاً ويمكن أن يكون ملحاًأجاجاً.وفي هذه الآية إشارة أيضاً إلى وجود حاجز منيع وقوي سمّاه القرآن (البرزخ).
إنالذييتأمل هذه الآية يدرك أن الله تعالى يتحدث عن معجزة عظيمة وآية كبرى،وهيامتزاج الماء العذب بالماء المالح عبر حاجز منيع وحِجرٍ محكم. وكأناللهتعالى يعطينا إشارة إلى أهمية هذه المنطقة، أي منطقة مصبّات الأنهارفيالبحار، وهذا ما سنراه الآن علمياً ماهو الحِجْر؟ يقولالفيروز آبادي في معجم القاموس المحيط: "الحَجْرُ: المَنْعُ، ونشأَ في حِجْرهأي: في حِفظِه"ونستطيعأن نستنتجأن هنالك حاجزاً منيعاً ومحفوظاً برعاية الله تعالى، أو أنهنالكمنطقة من الماء محاطة بحواجز كأنها حجرة مغلقة، ويقول ابن كثير فيتفسيرهلهذه الآية:"وهو الذي مرج البحرين: أي خلقالماءين، الحلو والملح. فالحلو كالأنهار والعيون والآبار، وهذا هو البحر الحلو. وجعلبينهما برزخاً:أي حاجزاً،وحِجراًمحجوراً: أيمانعاً من أن يصل أحدهما إلى الآخر. ولكن ماذاعن العلم الحديث وماذا يقول في ذلك؟
أهميةالبرزخ المائي البرزخالمائيهو منطقة تقع على مصبات الأنهار عندما يلتقي النهر مع البحر، أيعندمايلتقي الماء العذب بالماء المالح، وهي منطقة تعتبر مغلقة ومحاطةبحاجزمائي أو من اليابسة. يسميها العلماء اليوم estuaryوتحظى هذهالمناطقباهتمام كبير من قبل العلماء، لأنامتزاج الماء العذب بالمالح هي ظاهرةفريدةورائعة حقاً. إنالذييزور منطقة المصب هذه أو التي يسميها القرآن بمنطقة الحاجز أو البرزخيلاحظالاختلافات الكبيرة في هذه البيئة والفروقات في كثافة المياه ودرجةملوحتهاودرجة حرارتها من لحظة لأخرى ومن فصل لآخر، أي أن هنالك عملية مزج وخلط وتداخلمستمر للماء العذب والماء المالح.
وربمانعجب إذا علمنا أن كلمة(مَرَجَ)الواردة في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ) تعبرتعبيراً دقيقاً عن العمليات التي تتم في هذه المنطقة والتي رصدها العلماء حديثاً.
ففيالقاموس المحيط نجد معنى كلمة(مَرَجَ): خَلَطَ، وأمرمَرِيج: مختلط،والمَرجُ: الاختلاط والاضطراب. وفيتفسير ابن كثير: "المريج: المختلف المضطرب الملتبس المنكر خلاله، كقوله تعالى(إنكم لفي قول مختلف) [الذاريات:8]".
والعجيبجداًأن ما يحدث فعلاً في منطقة المصب يشمل جميع هذه المعاني، أي أنالكلمةالقرآنية تعبّر تعبيراً دقيقاً عن حقيقة ما يحدث، كيف لا تعبر عنالحقيقةوهي منزّلة من خالق هذا المصب سبحانه وتعالى؟
أقساممنطقة المصب يقسّمالعلماء اليوم منطقة المصب إلى ثلاثة أقسام: 1- منطقةالماء العذب من جهة النهر. 2- منطقةالماء المالح من جهة البحر. 3- منطقةالحاجز بين النهر والبحر، وهي ما يسميه القرآن بالبرزخ.
ويمكنأنيمتد تأثير المياه العذبة على المياه المالحة لمئات الكيلو مترات فيالبحر.وبالرغم من وجود الكثير من مصبات الأنهار في العالم، إلا أنه لايوجدبرزخ يشبه الآخر! فكل برزخ يتميز بخصائص محددة عن غيره تتبع الاختلاففيدرجة الملوحة، والاختلاف في درجة الحرارة، وهذا يتبع درجة ملوحة ماءالبحر،وطول النهر، وغير ذلك من العوامل مثل درجة الحموضة PH وكميةالعوالقفي ماء النهر وسرعة تدفق ماء النهر.
صورةبالقمر الاصطناعي التابع لوكالة ناسا لمصب "ريو دي لابلاتا" فيالأرجنتين، وتظهر منطقة البرزخ واضحة مميزة بخصائصها وألوانها. المنطقة المحجورة فيمنطقةالمصب، حيث يلتقي النهر مع البحر، هذه المنطقة تتميز بوجود اختلافكبيرفي درجة الملوحة ودرجات الحرارة، وعلى الرغم من ذلك هنالك كائناتونباتاتوحيوانات تأقلمت وتعيش في هذه المنطقة.
إنالكائناتالتي تعيش في الماء المالح لا تستطيع الحياة في الماء العذب، لأنخلاياجسدها تحوي تركيزاً محدداً من الملح وبمجرد إلقائها في الماء العذبسوفتموت بسبب دخول الماء العذب إلى جسمها بكميات كبيرة.
الكائناتالتيتعيش في الماء العذب أيضاً لا يمكنها أن تعيش في الماء المالح للسببذاته،أما الكائنات التي تعيش في المنطقة الفاصلة بين النهر والبحر أيمنطقةالبرزخ فهي أيضاً لا يمكنها أن تعيش خارج هذه المنطقة لأنها تأقلمتمعها،وبالتالي يقوم اليوم العلماء بدراسة منطقة المصب كمنطقة مستقلة لهاطبيعتهاوقوانينها وكائناتها.
وهذايدلعلى أن منطقة المصب هي منطقة محجورة ولها استقلاليتها ومحفوظة أيضاًبرعايةالله تعالى، وهي منطقة مغلقة تشبه الحجرة المغلقة، ومن هنا يمكن أننفهمبعمق أكبر معنى قوله تعالى(وَجَعَلَبَيْنَهُمَا بَرْزَخًا وَحِجْرًا مَحْجُورًا).
هنالك كائناتعديدة تعيش في منطقة المصب بين النهر والبحر، وقد زوّدها الله تعالىبأجهزة تستطيع التأقلم مع الاختلافات الكبيرة في درجات الحرارة والملوحةفي هذه المنطقة. وهذه أسماك تأقلمت مع الاختلاف المستمر في درجة الملوحةوالحرارة، وهذه الكائنات لا تستطيع العيش إلا في هذه المنطقة، وكأن منطقةالبرزخ هذه محجورة ومحفوظة وتمنع دخول أي كائنات أخرى إليها.
اختلاطواضطراب واختلاف منعظمة البيان القرآني أنه يعطينا التعبير العلمي الدقيق والمختصر في أقل عدد منالكلمات، فكلمة(مَرَجَ)تتضمن العديد من المعاني أهمها: 1- الخلط:يقول العلماء إن هنالك خلطاً ومزجاًمستمراً للماء المالح بالماء العذب،وهذا الخلطلا يتوقف أبداً، إذ أن سطح الماء يرتفع وينخفض باستمرار وبنظاممحكم،ويبقى كل ماء منفصل عن الآخر بمنطقة محددة بينهما هي ما سمّاهالقرآنبالبرزخ، هذا البرزخ قد يمتد لعدة كيلو مترات. ومن معاني كلمة(مرج): خلط،كما رأينا.
نرىفيهذا الشكل نهر الفرايزر الذي ينبع من كولومبيا ويصب في مياه المحيطالمالحة.ونرى كيف تتشكل الجبهة المالحة والتي تعتبر بمثابة حاجز محكم تمرمنخلاله المياه العذبة إلى المياه المالحة. ونرى أيضاً كيف يطفو الماءالعذبعلى سطح الماء المالح، وعندما درس العلماء جريان الماء في هذهالمنطقةوجدوه جرياناً مضطرباً، مع العلم أن الذي ينظر إلى الماء يظنهساكناً،وهذا يتوافق تماماً مع قوله تعالى(مرجالبحرين)، والمرج هو الاضطراب، فسبحان الذي يعلم السرّوأخفى!
2- الاضطراب:إذانظرنا إلى منطقة المصب نلاحظ أن الجريان مستقر، وأنها منطقة هادئةغالباً.ولكن التجارب الجديدة في منطقة البرزخ المائي بين النهر العذبوالبحرالمالح أشارت إلى أن الجريان هو جريان مضطرب، وهذه معلومات دقيقةلميصل إليها العلماء إلا حديثاً جداً. وهذا هو أحد معاني كلمة(مرج).
باحثونيقومون بأخذ عينات من ماء ورواسب منطقة البرزخ بين النهر والبحر (منطقةالمصب)، لقد وجد هؤلاء العلماء أنهنالك مزجاً مستمراً للماء المالح بالماء العذب، كما وجدوا اختلافات كبيرة فينسبة الملوحة والحرارة والكثافة من منطقة لأخرى ومن وقت لآخر، ووجدواأيضاً أن الجريان تحت سطح الماء مضطرب، مع العلم أنه يظهر للعين وكأنهمستقر، إذن وجدوا ثلاث حقائق في هذه المنطقة وهي: اضطراب الجريان،واختلاط الماء باستمرار، واختلاف خصائص الماء، وهذه المعاني الثلاثة تجمعها كلمةواحدة هي(مَرَجَ)، فسبحان الله!
3- الاختلاف:هنالكاختلاف في درجات الحرارة والملوحة تبعاً لليل والنهار، المنحنيالأسودالمتعرج يمثل المدّ والجزر، أي يمثل ارتفاع مستوى سطح الماءوانخفاضهبين الليل والنهار، يمثل الخط الأحمر اختلاف درجة الحرارة بينالليلوالنهار، أما الخط الأزرق فيمثل اختلاف درجة الملوحة بين الليلوالنهار.طبعاً عندما يرتفع مستوى سطح البحر فإن درجة ملوحة الماء تزدادفيمنطقة البرزخ، بينما عندما يكون البحر في حالة الجزر، فإن كمية الماءالعذبالمتدفقة من النهر تزداد، وبالتالي تنخفض ملوحة الماء في منطقةالمصب.
وتجدرالإشارةإلى أن الاختلاف في درجة الملوحة يتبع الليل والنهار والشهروالفصلودرجة الحرارة وحركة المد والجزر. وربما نتذكر قوله تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِوَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ) [آل عمران: 190]. ففي هذه الآية الكريمةإشارة إلى الاختلافات والتغيراتالكثيرةالتي نشاهدها خلال الليل والنهار، ومنها الاختلافات في الحرارةوالملوحةفي منطقة البرزخ. وتتضمن كلمة(مرج)هذا المعنى.
منحنيبياني يمثل الاختلاف في درجات الحرارة والملوحة، وذلك فيخليجNarragansett حيث يختلط الماء العذب بالماء المالح. الخط الأحمر يمثلالاختلاف في درجة حرارة الماء، أما الخط الأزرق فيمثل الاختلاف في درجةملوحة الماء، ونلاحظ أن درجة حرارة الماء تراوح بين 3 درجات تقريباً و 6درجات مئوية تبعاً لليل والنهر وذلك خلال الشتاء (شهر مارس/آذار). أمادرجة الملوحة فتنخفض إلى 10 أجزاء بالألف، وتصل حتى 30 جزءاً بالألف. طبعاًالخط الأسود يمثل المد والجزر، أي يمثل ارتفاع مستوى سطح الماء وتغيرهخلال الليل والنهار. حساسية البرزخ المائي إنالذي يتأمل التعبير القرآني(برزخ)،يلاحظ أن هنالك مسافة تفصل بينالنهر العذب والبحر المالح، وهذه المنطقةحساسةجداً، فالبرزخ هو الحاجز بين الشيئين. وقد ثبُت علمياً أن هذاالبرزخالمائي حساس جداً ويجب العناية به، فهو آية من آيات الله ونعمةينبغيأن نحافظ عليها، ولكن ما الذي حدث؟ لقدكان الناس وحتى السنواتالقليلةالماضية يجهلون طبيعة وأهمية وحساسية هذا البرزخ، ولكن اكتشفواذلكبعدما تلوث عدد كبير من مصبات الأنهار في الدول المتقدمة صناعياً، مثلالولاياتالمتحدة الأمريكية.
فقدوجد العلماء أن منطقةالمصباتتحوي ترسبات في قاعها تتراكم خلال السنوات الماضية، وكل طبقة تعبرعنسنة، وتعطي فكرة واضحة عن البيئة السائدة في ذلك الوقت، وعن نوعيةالملوثاتالتي كان يتم إلقاؤها في هذه المنطقة، أي أن منطقة البرزخ لهاذاكرةممتازة! واليومتُصرف بلايين الدولاراتعلى تنظيفمصبات الأنهار في الولايات المتحدة الأمريكية. ويقول الباحثونإنهمكانوا يجهلون التأثير السيئ للنفايات الصناعية والملوثات على هذهالمناطقالحساسة بيئياً، ولو أن هؤلاء العلماء علموا بأهمية هذه المناطقلكانواأكثر حفاظاً عليها.
تعتبرمنطقةمصبات الأنهار في البحار من أجملالمناطق وأكثرها غنى وقد نشأت كثير منالحضاراتحولها، ومنطقة المصب تكون عادة محاطة بالغابات والنباتات المنوعةمنأطرافها الثلاثة ومفتوحة على البحر حيث يختلط الماء العذب بالماءالمالح.إن منطقة المصبات لها خصائص وميزات رائعة، فكل شيء في هذه البيئةالمميزةيختلف عما يحيط بها، فهي بيئة محفوظة ومحجورة وممنوعة من أيكائناتحية أخرى غير الكائنات التي تعودت على العيش فيها، ولها خصائصفيزيائيةوكيميائية أيضاً تتميز بها عن غيرها من المناطق.
مياهعذبة في قاع البحر! لقداكتشفالعلماء وجود ينابيع عذبة تتدفقداخل المحيطات والبحار مصدرها المياهالجوفيةالمختزنة في طبقات الأرض. ويمكن القول بأن عملية امتزاج الماءالمالحبالماء العذب لا تقتصر على الأنهار بل هنالك مياه مخزنة تحت الأرضأيضاًتتدفق وتمتزج بمياه البحر، ويحدث اختلاط واضطراب واختلاف في درجاتالملوحةوالحرارة، وبالتالي فإن التعبير القرآني(مرجالبحرين)ينطبق على هذه الحالة.
وتبلغكميةالماء العذب المختزن تحت الأرضكمياه جوفية 23.4 مليون كيلو متر مكعب،بينما تبلغكمية الماء الموجودة في جميع الأنهار في العالم 2.12 ألف كيلومترمكعب فقط، ويبلغ حجم الماء في البحيرات العذبة 91 ألف كيلو متر مكعب،ويمكنالقول بأن حجم الماء المختزن تحت سطح الأرض أكبر من حجم الماء فيالأنهاربـ 250 ضعفاً.
رسميوضح دورةامتزاج الماء العذب بالماء المالح،فالأنهار والينابيع والمياه الجوفيةتشارك فيهذه العملية مع ماء البحر، ولذلك نجد البيان الإلهي يعبر تعبيراًدقيقاً(مرج البحرين هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج)،وفي تفسير ابن كثير كما رأينا فإنالبحر العذب هو الأنهار والآبار أوالمياهالجوفية والينابيع، وجميع هذه المياه تمتزج وتختلط بماء البحر،فانظرإلى دقة كلام الله تعالى!
صورةبالأشعةتحت الحمراء تظهر تدفق المياهالعذبة من قاع خليج Waquoit في سبتمبر 2002،والدوائرالسوداء التي تحيط بالمناطق الصفراء اللامعة هي المناطق التيتتدفقفيها المياه العذبة من القاع الرملي وتختلط مع مياه الخليج الدافئة. (WHOI).
وجهالإعجاز 1- في قوله تعالى(مَرَجَالْبَحْرَيْنِ)حديث عنالعمليات الفيزيائية التي تحصل فعلاً في منطقة الالتقاء بين النهروالبحر، وهي عمليات خلطمستمر وذهاب وإياب للماء، وهذا هو تماماً ما تعنيههذه الكلمة.
2- نلاحظ أنالله تعالى قال: (مرجالبحرين)ولم يقل(مرج النهر والبحر)، لأن عملية المرج تتم مع الأنهار ومع المياهالعذبة المختزنة فيالأرض، والتي تتدفق من قاع المحيطات، وهذه المياه هيبحر أيضاً، ولكنه بحر عذب لا نراه، ولكن اللهيراه وقد حدثنا عنه قبلعلماء أمريكا بقرون كثيرة!
3- إن كلمة(مرج)هي الكلمةالدقيقة للتعبير عن طبيعة ما يجري في منطقة اختلاط الماء العذببالماء المالح، بينمانجد العلماء يستخدمون عدة كلمات للتعبير عن هذهالظاهرة مثل (خلط، تمازج، حركة، اضطراب،اختلاف...)، وجميع هذه المعانيتحققها الكلمة القرآنية، فسبحان من أنزل هذهالكلمة!
4- في قولهتعالى(وَجَعَلَبَيْنَهُمَا بَرْزَخًا) حديثعن وجود برزخ، وهو منطقة تفصل بين ماء النهروماء البحر، وهذه المنطقة أوهذا البرزخ هو ما يسميه العلماء بمنطقة المصب أو Estuary . طبعاً هذهالمنطقة تتشكل بسببالقوانين التي أودعها الله في الماء، وتسمى بقوانينميكانيك السوائل، أي أن القرآن قد قرر حقيقةعلمية قبل أن يكتشفها العلماءبقرون طويلة، وهذا سبق قرآني في علم المياه.
5- في قولهتعالى(وَحِجْرًامَحْجُورًا)،إشارةإلى أن هذه المنطقةمميزة وذات خصائص محددة تختلف عما يحيط بها من بحر أونهر، وفيها كائنات محددة تختلف أيضاً عن كائناتالبحر وكائنات النهر، وهذهالمنطقة لا تسمح للماء المالح أن يطغى على الماءالعذب، ولذلك فهي كالحجرةالمنيعة والمغلقة، وهذا ما يقوله العلماء اليوم.
6- في قولهتعالى: (هَذَاعَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ) حديث عن الاختلاف الكبير في درجة الملوحة بينماء النهر وماء البحر، وهذاما نراه فعلاً، فماء النهر يكاد يخلو من الملحإلا بنسبة ضئيلة جداً،بينما نجد أن المتر المكعب من ماء البحر يحوي 35كيلو غرام من الملح! ولوأن القرآن وصف ماء النهر بالعذب فقط لكان هنالكخطأ علمي، إذ أن ماء النهرليس عذباً مئة بالمئة، إنما هنالك بعض الأملاحوالمعادن والمواد الأخرىالتي تعطي هذا الماء طعماً مستساغاً، ولذلك قالتعالى(عَذْبٌفُرَاتٌ).
الأمر ذاتهينطبق على ماء البحر،فلم يقل القرآن (وهذا ملح)، ولو قال ذلك لكان هنالكخطأ علمي أيضاً، لأن جميع المياه في الأرض تحويشيئاً من الأملاح بنسبة أوبأخرى. ولذلك قال(وَهَذَامِلْحٌ أُجَاجٌ)كإشارة إلى الملوحة الزائدة، وهذا التعبير دقيقمن الناحية العلمية.
7- تعتبر منطقةالمصبات من أكثرالمناطق حساسية وذات أهمية بيئية كبيرة، وهي لذلك تستحقالذكر كنعمة من نعم الله علينا، حتى إن الكثيرمن الحضارات ازدهرت فيمناطق المصبات، مثل دلتا النيل، والمنطقة بيننهر دجلة والفرات، ونهرالتايمز في مدينة لندن، ونهر هيدسون في مدينةنيويورك. وإن القرآنعندما يتحدث عن هذه المنطقة إنما يؤكد أهميتها وتميزها، معالعلم أن هذه المعلوماتلم تكن متوافرة لإنسان يعيش في صحراء لا أنهارفيها ولا بحار، ومن غير الممكن لبشر أن يتحدث عنهذه المناطق بدقة مذهلةلو لم يكن رسولاً من عند الله تعالى!
أن علماءالغربلو يقرأون القرآن ويتدبّرونه، لستفادوا من هذهالحقائق في الوصول إلىمعرفة الله تعالى والإيمان به. ويا ليتنا نطورأنفسنا من الناحية العلميةونسبقهم لهذه الاكتشافات!