[center]
الحمد الله الذي أسكن عباده هذه الدار .. وجعلها لهم منزلة سفر من الأسفار .. وجعل الدار الآخرة هي دار القرار .. فسبحان من يخلق ما يشاء ويختار .. ويرفق بعباده الأبرار في جميع الأقطار .. وسبق رحمته بعباده غضبه وهو الرحيم الغفار ..أحمده على نعمه الغزار ..وأشكره وفضله على من شكر مدرار ..وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحد القهار ..وأشهد أن محمداً عبده ورسوله النبي المختار ..الرسول المبعوث بالتبشير والإنذار صلى الله عليه وسلم .. صلاة تتجدد بركاتها بالعشي والأبكار ..
أما بعد :
فهذه رسالة .. رسالة .. إلى القابضات على الجمر ..
رسالة .. إلى أولئك الفتيات الصالحات .. والنساء التقيات ..
حديثٌ .. إلى اللاتي شرفهن الله بطاعته .. وأذاقهن طعم محبّته ..
إلى حفيدات خديجة وفاطمة .. وأخوات حفصة وعائشة ..
هذه أحاسيس .. أبثها ..إلى من جعلن قدوتهن أمهات المؤمنين ..
وغايتهن رضا رب العالمين ..إلى اللاتي طالما دعتهن نفوسهن إلى الوقوع في الشهوات ..
ومشاهدة المحرمات .. وسماع المعازف والأغنيات ..
فتركن ذلك ولم يلتفتن إليه .. مع قدرتهن عليه .. خوفاً من يوم تتقلب فيه القلوب والأبصار ..
هذه وصايا .. إلى الفتيات العفيفات .. والنساء المباركات .. اللاتي يأمرن بالمعروف .. وينهين عن المنكر .. ويصبرن على ما يصيبهن ..
هذه همسات .. إلى حبيبة الرحمن .. التي لم تجعل همها في القنوات .. ومتابعة آخر الموضات .. وتقليب المجلات .. وإنما جعلت الهموم هماً واحداً هو هم الآخرة ..
هذه رسالة .. إلى تلك المؤمنة العفيفة التي كلما كشر الفساد حولها عن أنيابه .. رفعت بصرها إلى السماء وقالت : اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ..
هذه رسالة .. إلى القابضات على الجمر اللاتي قال فيهن النبي صلى الله عليه وسلم : ( يأتي على الناس زمان يكون فيه القابض على دينه كالقابض على الجمر ) ..
رسالة .. إلى المرأة الصالحة التقية .. التي قدمت محبة الله وأوامره .. على تقليد فلانة أو فلانة .. فأصبحت غريبة بين النساء بسبب صلاحها وفسادهن .. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لها فيما رواه ابن ماجة والدارمي : " إن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء " . قيل : ومن الغرباء يا رسول الله ؟ قال : " الذين يصلحون إذا فسد الناس " ..
هذه كلمات .. إلى القابضات على الجمر .. لأذكرهن بأخبار من تقدمهن إلى طريق الجنة .. ممن تركن لذة الحياة .. وحملن همَّ الدين .. حتى ضاعف الله لهن الحسنات .. وكفر السيئات .. ورفع الدرجات .. حتى سبقن كثيراً من الرجال ..
أول تلك القابضات على الجمر ..
هي تلك المرأة الصالحة التي كانت تعيش هي وزوجها .. في ظل ملك فرعون .. زوجها مقرب من فرعون .. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون ..
فمن الله عليهما بالإيمان .. فلم يلبث زوجها أن علم فرعون بإيمانه فقتله ..فلم تزل الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون .. وتنفق على أولادها الخمسة .. تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها ..
فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً .. إذ وقع المشط من يدها ..
فقالت : بسم الله .. فقالت ابنة فرعون : الله .. أبي ؟
فصاحت الماشطة بابنة فرعون : كلا .. بل الله .. ربي .. وربُّك .. وربُّ أبيك ..
فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها ..
ثم أخبرت أباها بذلك .. فعجب أن يوجد في قصره من يعبد غيره ..
فدعا بها .. وقال لها : من ربك ؟ قالت : ربي وربك الله ..
فأمرها بالرجوع عن دينها .. وحبسها .. وضربها .. فلم ترجع عن دينها .. فأمر فرعون بقدر من نحاس فملئت بالزيت .. ثم أحمي .. حتى غلا ..
وأوقفها أمام القدر .. فلما رأت العذاب .. أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى .. فعلم فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة .. الأيتام الذين تكدح لهم ..
وتطعمهم .. فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة .. تدور أعينهم .. ولا يدرون إلى أين يساقون .. فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون .. فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي .. وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها .. وألقمته ثديها ..
فلما رأى فرعون هذا المنظر ..أمر بأكبرهم .. فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي .. والغلام يصيح بأمه ويستغيث .. ويسترحم الجنود .. ويتوسل إلى فرعون .. ويحاول الفكاك والهرب ..
وينادي إخوته الصغار .. ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين .. وهم يصفعونه ويدفعونه ..
وأمه تنظر إليه .. وتودّعه ..
فما هي إلا لحظات .. حتى ألقي الصغير في الزيت .. والأم تبكي وتنظر .. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة .. حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل .. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت .. نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله .. فأبت عليه ذلك ..
فغضب فرعون .. وأمر بولدها الثاني .. فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث .. فما هي إلا لحظات حتى ألقي في الزيت .. وهي تنظر إليه .. حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه .. والأم ثابتة على دينها .. موقنة بلقاء ربها ..
ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت .. وفعل به ما فعل بأخويه ..
والأم ثابتة على دينها .. فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت ..
فأقبل الجنود إليه .. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه .. فلما جذبه الجنود .. بكى وانطرح على قدمي أمه .. ودموعه تجري على رجليها .. وهي تحاول أن تحمله مع أخيه ..
تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها .. فحالوا بينه وبينها .. وحملوه من يديه الصغيرتين .. وهو يبكي ويستغيث .. ويتوسل بكلمات غير مفهومة .. وهم لا يرحمونه ..
وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي .. وغاب الجسد .. وانقطع الصوت .. وشمت الأم رائحة اللحم .. وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها ..تنظر الأم إلى عظامه .. وقد رحل عنها إلى دار أخرى ..
وهي تبكي .. وتتقطع لفراقه .. طالما ضمته إلى صدرها .. وأرضعته من ثديها .. طالما سهرت لسهره .. وبكت لبكائه ..
كم ليلة بات في حجرها .. ولعب بشعرها .. كم قربت منه ألعابه .. وألبسته ثيابه ..
فجاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك ..فالتفتوا إليها .. وتدافعوا عليها ..
وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها .. وكان قد التقم ثديها ..
فلما انتزع منها .. صرخ الصغير .. وبكت المسكينة .. فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها .. أنطق الصبي في مهده وقال لها :
يا أماه اصبري فإنك على الحق ..ثم انقطع صوته عنها .. وغيِّب في القدر مع إخوته ..
وذهب الأولاد الخمسة .. وهاهي عظامهم يلوح بها القدر ..
ولحمهم يفور به الزيت .. تنظر المسكينة .. إلى هذه العظام الصغيرة ..
عظام من ؟ إنهم أولادها .. الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسروراً .. إنهم فلذات كبدها .. وعصارة قلبها .. الذين لما فارقوها .. كأن قلبها أخرج من صدرها ..
طالما ركضوا إليها ..وارتموا بين يديها ..
وضمتهم إلى صدرها .. وألبستهم ثيابهم بيدها .. ومسحت دموعهم بأصابعها .. ثم هاهم ينتزعون من بين يديها .. ويقتلون أمام ناظريها ..
وتركوها وحيدة وتولوا عنها .. وعن قريب ستكون معهم ..
كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاب .. بكلمة كفر تسمعها لفرعون .. لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى ..
ثم .. لما لم يبق إلا هي .. أقبلوا إليها كالكلاب الضارية .. ودفعوها إلى القدر ..
فلما حملوها ليقذفوها في الزيت .. نظرت إلى عظام أولادها .. فتذكرت اجتماعهم معهم في الحياة .. فالتفتت إلى فرعون وقالت : لي إليك حاجة .. فصاح بها وقال : ما حاجتك ؟ فقالت : أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد .. ثم أغمضت عينيها ..
وألقيت في القدر .. واحترق جسدها .. وطفت عظامها ..
فلله در هذه الماشطة ما أعظم ثباتها .. وأكثر ثوابها ..
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها .. فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي : ( لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة .. فقلت: ما هذه الرائحة ؟ فقيل لي : هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها .. ) ..
الله أكبر تعبت قليلاً .. لكنها استراحت كثيراً ..
{ ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون * فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون * يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المؤمنين * الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم * الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل * فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم } ..
مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها .. وجاورت ربها ..
ويرجى أن تكون اليوم في جنات ونهر .. ومقعد صدق عند مليك مقتدر .. وهي اليوم أحسن منها في الدنيا حالاً .. وأكثر نعيماً وجمالاً ..
هذه أولى القابضات على الجمر ..
ثبتت على دينها برغم الفتنة العظيمة التي أحاطت بها ..
فعجباً والله لفتيات .. لا تستطيع إحداهن الثبات على إقامة الصلاة .. فلا تزال تتساهل بأدائها حتى تتركها حتى تكفر .. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي : ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر ) ..
ومن تركت الصلاة خلدها الله في النيران .. وعذبها مع الشيطان .. وأبعدها عن النعيم .. وسقاها من الحميم .. { تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } ..
أما ثانية القابضات على الجمر ..
فقد كانت ملكة على عرشها ..
على أسرةٍ ممهدة ، وفرشٍ منضدة ..
بين خدم يخدمون .. وأهلٍ يكرمون ..
لكنها كانت مؤمنة تكتم إيمانها ..
إنها آسية .. امرأة فرعون .. كانت في نعيم مقيم ..
فلما رأت قوافل الشهداء .. تتسابق إلى السماء ..
اشتاقت لمجاورة ربّها .. وكرهت مجاورة فرعون ..
فلما قتل فرعون الماشطة المؤمنة .. دخل على زوجه آسيةَ يستعرض أمامها قواه ..
فصاحت به آسية : الويل لك ! ما أجرأك على الله .. ثم أعلنت إيمانها بالله ..
فغضب فرعون .. وأقسم لتذوقَن الموت .. أو لتكفرَن بالله ..
ثم أمر فرعون بها فمدت بين يديه على لوحٍ .. وربطت يداها وقدماها في أوتاد من حديد .. وأمر بضربها فضربت .. حتى بدأت الدماء تسيل من جسدها .. واللحم ينسلخ عن عظامها ..
فلما اشتدّ عليها العذاب .. وعاينت الموت .. رفعت بصرها إلى السماء .. وقالت : { رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين } ..
وارتفعت دعوتها إلى السماء ..
قال ابن كثير : فكشف الله لها عن بيتها في الجنة ..
فتبسمت .. ثم ماتت .. نعم .. ماتت الملكة ..
التي كانت بين طيب وبخور .. وفرح وسرور ..
نعم تركت فساتينها .. وعطورها .. وخدمها .. وصديقاتها ..
واختارت الموت ..
لكنها اليوم .. تتقلب في النعيم كيفما شاءت ..
ولماذا لا يكون جزاؤها كذلك .. وهي ..
طالما ..وقفت تناجي ربها والليل مسدول البراقع
تصغي لنجواها السماء وقد جرت منها المدامع
تدعو فتحتشد الملائك والدجى هيمان خاشع
والعابدات الزاهدات جفت مراقدُها المضاجع
وتخــرّ للــرحمن ساجدة مطهرة النوازع ..
نفعها صبرها على الطاعات .. ومقاومتها للشهوات ..
{ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا * أولئك لهم جنات عدن تجري من تحتهم الأنهار يحلون فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق متكئين فيها على الأرائك نعم الثواب وحسنت مرتفقاً } .
.فأين نساؤنا اليوم ؟
أين نساؤنا عن سير هؤلاء الصالحات ..
أين النساء اللاتي يقعن في المخالفات الشرعية في لباسهن .. وحديثهن .. ونظرهن .. ثم إذا نصحت إحداهن قالت : كل النساء يفعلن مثل ذلك .. ولا أستطيع مخالفة التيار ..
سبحان الله !!
أين القوةُ في الدين .. والثباتُ على المبادئ ..
إذا كانت الفتاة بأدنى فتنة تتخلى عن طاعة ربها .. وتطيع الشيطان .. أين الاستسلام لأوامر الله .. والله تعالى يقول : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبيناً } ..
..
قال ابن عباس
ويرسل ربنا ريحاً تهز ذوائب الأغصان
فتثير أصواتاً تلذ لمسمع الإنسان كالنغمات بالأوزان
يا لذة الأسماع لا تتعوضي بلذاذة الأوتار والعيدان
واهاً لذياك السماع فكم به للقلب من طرب ومن أشجان
نزه سماعك إن أردت سماع ذياك الغنا عن هذه الألحان
حب الكتاب وحب الحان الغنا في قلب عبد ليس يجتمعان
والله إن سماعهم في القلب والإيمان مثل السم في الأبدان
والله ما انفك الذي هو دأبه أبدا من الإشراك بالرحمن
فالقلب بيت الرب جل جلاله حبا وإخلاصا مع الإحسان
فإذا تعلق بالسماع أصاره عبداً لكل فلانة وفلان ..
ـ
بل إن القابضات على الجمر .. لم يكتفين بالصبر على العذاب .. وتحمل البلاء .. وإنما كان لهن في نصر الدين .. ومقاومة الباطل .. بطولات وأعاجيب .. صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم .. عجوز قد جاوز عمرها الستين سنة .. فلما اجتمع الكفار من قريش وغيرها .. وتآمروا على غزو المدينة .. حفر المسلمون خندقاً في جهة من جهات المدينة .. وكانت الجبال تحيط ببقية الجهات ..
وكان عدد المسلمين قليلاً .. فاستنفرهم النبي صلى الله عليه وسلم للرباط أمام الخندق لصدّ من يتسلل إليهم من الكفار ..
أما النساء والصبيان فقد جمعهم النبي صلى الله عليه وسلم في حصن منيع .. ولم يترك عندهم من يحرسهم .. لقلة المسلمين وكثرة الكفار ..
وبينما النبي صلى الله عليه وسلم منشغل مع أصحابه في القتال عند الخندق .. تسلل جمع من اليهود حتى وصلوا إلى الحصن .. ثم لم يجرؤا على الدخول خشية من وجود أحد من المسلمين .. فاصطفوا خارج الحصن .. وأرسلوا واحداً منهم يستطلع لهم الأمر .. فجعل هذا اليهودي يطوف بالحصن .. حتى وجد فرجة فدخل منها .. وجعل يبحث وينظر .. فرأته صفية رضي الله عنها .. ففزعت وقالت في نفسها :
هذا اليهودي يطوف بالحصن .. وإني والله ما آمنه أن يدل على عورتنا مَن وراءنا من
يهود .. وقد شغل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه.. وإن صرخت فزعت النساء والصبيان .. وعلم اليهودي أن لا رجال في الحصن ..
فتناولت سكيناً وربطتها في وسطها .. ثم أخذت عموداً من خشب ..
ونزلت من الحصن إليه وتحينت منه التفاتة .. فضربته بالعمود على أم رأسه .. حتى قتلته .. فلما خمد .. تناولت سكيناً .. فلله درّ صفية .. تلك العابدة التقية ..
ـ
فتأملي في جرأتها وبذلها نفسها لخدمة الدين ..
فكم تبذلين أنت للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ..
كم ترين في المجالس من النامصات .. وفي الأسواق من المتبرجات .. وفي الأعراس من المتعريات .. فماذا فعلت تجاههن ؟!
{ والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم } ..
ومن ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر استحق اللعنة ..
{ لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون } ..
ولا تخجلي من ذلك فالدعوة تحتاج إلى جرأة في أولها .. ثم تفرحين بآخرها ..
والصالحات القابضات على الجمر .. إذا أتى إحداهن الأمر من الشريعة .. أطاعت ..
وسلّمت .. وأذعنت .. ولم تعترض .. أو تخالف .. أو تبحث عن مخارج ..
وتأملي في خبر تلك الفتاة العفيفة الشريفة .. العروس ..
قال أنس رضي الله عنه : كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له : جليبيب في وجهه دمامة .. فعرض عليه رسول الله التزويج .. فقال : إذا تجدني كاسداً ..
فقال : غير أنك عند الله لست بكاسد ..
فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يتحين الفرص لتزويج جليبيب ..
حتى جاء رجل من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب على رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ليتزوجها .. فقال صلى الله عليه وسلم : نعم يا فلان .. زوجني ابنتك ..
قال : نعم ونعمين .. يا رسول الله ..
فقال صلى الله عليه وسلم : إني لست أريدها لنفسي .. قال : فلمن ؟ قال : لجليبيب ..
قال : جليبيب !! يا رسول الله !! حتى استأمر أمها ..
فأتى الرجل زوجته فقال : إن رسول الله يخطب ابنتك ..
قالت : نعم .. ونعمين .. زوِّج رسول الله صلى الله عليه وسلم .. قال : إنه ليس يريدها لنفسه .. قالت : فلمن ؟ قال : يريدها لجليبيب ..
قالت : حلقى لجليبيب .. لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً .. وقد منعناها فلاناً وفلاناً .. فاغتم أبوها لذلك .. وقام ليأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها : من خطبني إليكما ؟
قالا : رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
قالت : أتردان على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ؟ ادفعاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فإنه لن يضيعني .. فكأنما جلَّت عنهما ..
فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله .. شأنك بها فزوِّجها جليبيباً .. فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم جليبيباً ..
ودعا لها وقال : اللهم صب عليهما الخير صباً .. ولا تجعل عيشهما كداً كداً ..
فلم يمض على زواجه أيام .. حتى خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة .. وخرج معه جليبيب .. فلما انتهى القتال .. وبدأ الناس يتفقد بعضهم بعضاً ..
سألهم النبي صلى الله عليه وسلم : هل تفقدون من أحد قالوا : نفقد فلانا وفلانا ..
ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
قالوا : نفقد فلانا وفلانا ..ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً ..قال : ولكني أفقد جليبيباً ..
فقاموا يبحثون عنه .. ويطلبونه في القتلى .. فلم يجدوه في ساحة القتال ..
ثم وجدوه في مكان قريب .. إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه .. فوقف النبي صلى الله عليه وسلم ينظر إلى جثته ..
ثم قال : قتل سبعة ثم قتلوه .. قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني وأنا منه ..
ثم حمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه .. وأمرهم أم يحفروا له قبره ..
قال أنس : فمكثنا نحفر القبر .. وجليبيب ماله سرير غير ساعدي رسول الله صلى الله عليه وسلم.. حتى حفر له ثم وضعه في لحده ..
قال أنس : فوالله ما كان في الأنصار أيم أنفق منها .. تسابق الرجال إليها كلهم يخطبها بعد جليبيب ..
{ إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون * ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون } ..
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في الصحيح : ( كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا يا رسول الله ومن يأبى قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ) ..
فأين تلك الفتيات الصالحات .. اللاتي تقدم إحداهن محبة الله ورسوله على هواها .. فإذا سمعت الأمر من الله تعالى قدمته على أمر كل أحد .. بل قدمته على ما تزينه لها صديقاتها .. أو توسوس به لها نفسها ..
قالت عائشة رضي الله عنها كما عند أبي داود : والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار .. أشدَّ تصديقاً بكتاب الله .. ولا إيماناً بالتنزيل .. لقد أنزل في سورة النور قوله تعالى في الأمر بحجاب المؤمنات { ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن } ..
فسمعها الرجال من رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ثم انقلبوا إليهن .. يتلون عليهن ما أنزل الله إليهم فيها .. يتلو الرجل على امرأته .. وابنته .. وأخته .. وعلى كل ذات قرابته ..فما منهن امرأة إلا قامت إلى مِرطها - وهو كساء من قماش تلبسه النساء - .. فاعتجرت به .. - لفته على رأسها - .. وقامت بعضهن إلى أزرهن فشققنها واختمرن بها .. أي الفقيرة التي لم تجد قماشاً تستر به وجهها .. أخذت إزارها وهو ما يلبس من البطن إلى القدمين ثم شقت منه قطعة غطت بها وجهها .. تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه ..
قالت عائشة : فأصبحن وراء رسول الله معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ..
ــ
الله أكبر .. هذا حال المرأة في ذلك الزمان .. في تغطيتها لوجهها .. وسترها لزينتها .. تتستر حتى لا يراها الرجال ..
هل تدرين من هي هذه المرأة التي أمرت بالتستر ..
إنها عائشة أم المؤمنين .. وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. وأسماء بنت أبي بكر .. وغيرهن من الصالحات التقيات ..
وهل تدرين يسترن زينتهن عن من .. عن أبي بكر .. وعمر .. وعثمان .. وعلي .. وغيرهم من الصحابة .. أزكى رجال الأمة .. وأعفُهم وأطهرُهم .. ومع ذلك أمرت النساء بالتستر مع صلاح ذلك المجتمع ..
بل قد نهى الله أبا بكر .. وعمر .. وطلحة .. والزبير .. والصحابة جميعاً عن الاختلاط بالنساء .. فقال : { وإذا سألتموهن متاعاً } يعني إذا سألتم أزواج النبي وهن أطهر النساء .. { فاسألوهن من وراء حجاب } .. لماذا ..؟؟ { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } ..
فكيف الحال اليوم مع نسائنا .. ورجالنا .. وقد فسد الزمان ؟
ماذا نقول لنساء جريئات .. تحادث إحداهن البائع في السوق بكل طلاقة لسان .. وكأنه زوجُها أو أخوها .. بل قد تضاحكه وتمازحه .. ليخفض لها في السعر .. مع لبسها للنقاب الواسع ..
وقد تزيد على ذلك الخلوة بالسائق .. وما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما ..
وكل هذه المعاصي هي تعلم أنها معاصٍ .. لكنها مع ذلك تقدم عليها بنعم أعطاها الله لها .. فتعصي الله بنعمته .. وكأن ربها عاجز عن عذابها ..
والقابضات على الجمر ..
يتسابقن إلى الأعمال الصالحة .. صغيرها وكبيرها .. ولهن في كل ميدان سهم .. ولا تعلمين ما هو العمل الذي به تدخلين إلى الجنة ..
فلعلَّ شريطاً توزعينه في مدرسة .. أو نصيحةً عابرة تتكلمين بها .. يكتب الله بها لك رضاه ومغفرتَه ..
ولقد .. أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : أن امرأة بغياً من بني إسرائيل كانت تمشي في صحراء .. فرأت كلباً بجوار بئر يصعد عليه تارة .. ويطوف به تارة .. في يوم حار قد أدلع لسانه من العطش .. قد كاد يقتله العطش .. فلما رأته هذه البغي ..
التي طالما عصت ربها .. وأغوت غيرها .. ووقعت في الفواحش .. وأكلت المال الحرام ..
لما رأت هذا الكلب .. نزعت خفها .. حذاءها .. وأوثقته بخمارها فنزعت له من الماء .. وسقته .. فغفر الله لها بذلك .. الله أكبر .. غفر الله لها .. بماذا ..؟
هل كانت تقوم الليل وتصوم النهار ؟! هل قتلت في سبيل الله ؟!
كلا .. وإنما سقت كلباً شربةً من ماء .. فغفر الله لها ..
وروى مسلم عن عائشة رضي الله عنها أنها أخبرت عن : امرأة مسكينة جاءتها .. تحمل ابنتين لها .. فقالت : يا أم المؤمنين .. والله ما دخل بطوننا طعام منذ ثلاثة أيام .. فبحثت عائشة في بيت النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد إلا ثلاث تمرات .. فأعطتها الثلاث تمرات .. ففرحت المسكينة بها .. وأعطت كل واحدة من الصغيرتين تمرة .. ورفعت إلى فيها تمرة لتأكلها .. فكانت البنتان لفرط الجوع .. أسرعَ إلى تمرتيهما من الأم إلى تمرتها .. فرفعتا أيديَهما تريدان التمرة التي بيد الأم .. فنظرت الأم إليهما .. ثم شقت التمرة الباقية بينهما .. قالت عائشة : فأعجبني حنانها .. فذكرت الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إن الله قد أوجب لها بها الجنة .. أو أعتقها بها من النار ..
فالقابضات على الجمر يتسابقن إلى الطاعات .. وإن كانت يسيرة صغيرة .. والأعظم من ذلك هو الحذر من المعاصي .. وعدم التساهل بها .. فقد قال تعالى عن قوم تساهلوا بالمعاصي وتصاغروها : { وتحسبونه هيناً وهو عند الله عظيم } ..
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين .. أنه رأى امرأة تعذب في النار ..
فما الذي أدخلها إلى النار ؟
هل سجدت لصنم ..؟ هل قتلت نبياً ؟ .. هل سرقت أموال الناس .. ؟ كلا ..دخلت امرأة النار في هرة .. سجنتها .. فلا هي أطعمتها .. ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت هزلاً .. قال صلى الله عليه وسلم : فلقد رأيتها في النار والهرة تخدشها ..
والقابضات على الجمر في هذا الزمان .. تعلم كل واحدة منهن .. أن الحرب الموجهة إليها حرب ضروس يريدون منها استعبادها .. وهتك عرضها .. باسم الحرية والمساواة ..
فما معنى الحرية التي يدعوا إليها المفسدون ؟ ..
ولماذا لا يدعون إلى تحرير العمال المظلومين .. والضحايا المنكوبين .. والأيتام المنبوذين ..
لماذا يصرون على أن المرأة العفيفة .. التي تعيش في ظل وليها .. ولو مدَّ أحد العابثين يده إليها .. لما عادت إليه يده .. لماذا يصرون دائماً على أن هذه المرأة تحتاج إلى تحرير ..
هل ارتداء المرأة للعباءة والحجاب لتحمي نفسها من النظرات المسعورة .. يعدُّ عبودية تحتاج أن تحرر المرأة منها ..؟؟
هل تخصيص أماكن معينةٍ لعمل المرأة .. بعيدةٍ عن مخالطة الرجال .. هو عبودية وذلٌ للمرأة .. ؟
هل تربية المرأة لأولادها .. ورأفتها ببناتها .. وقرارها في بيتها .. هو عبودية تحتاج إلى تحرير ..؟؟
ثم .. لماذا نجد أن أكثر من يتنابحون ويدعون إلى تحرير المرأة .. وتكشفها لهم ..
ويزعمون أن حجابها قيد وغلٌ لا بدَّ أن تتحرر منه .. لماذا نجد أن أكثر هؤلاء هم ليسوا من العلماء .. ولا من المصلحين .. وإنما أكثرهم من الزناة .. وشراب الخمور ..
وأصحاب الشهوات المسعورة ؟؟
فلماذا يدعوا هؤلاء إلى تحرير المرأة ؟
لماذا يستميتون لإخراج العفيفة من بيتها .. لماذا ؟؟ الجواب واضح ..
اشتهوا أن يروها متعرية راقصة فزينوا لها الرقص .. فلما تعرّت وتبذلت .. وأصبحت تلهو وترقص في المسارح .. أرضوا شهواتهم منها .. ثم صاحوا بها وقالوا : قد حرّرناك ..
واشتهوا أن يتمتعوا بها متى شاءوا .. فزينوا لها مصاحبة الرجال .. ومخالطتهم .. حتى حوّلوها إلى حمام متنقل .. يستعملونه متى شاءوا .. على فرشهم .. وفي حدائقهم ..
وباراتهم .. وملاهيهم .. فلما تهتكت وتنجّست .. صاحوا بها وقالوا : قد حرّرناك ..
خدعوها بقولهم حسناء والغواني يغرّهن الثناء
واشتهوا أن يروها عارية على شاطئ البحر .. وساقيةً للخمر .. وخادمةً في طائرة ..
وصديقة فاجرة .. فزينوا لها ذلك كلَّه وأغروها بفعله ..
فلما ولغت في مستنقع الفجور .. تضاحكوا بينهم وقالوا : هذه امرأة متحررة .. فمن ماذا حرّروها ؟
عجباً .. هل كانت في سجن وخرجت منه إلى الحرية ؟
هل الحرية في تقصير الثياب .. ونزع الحجاب ..
أم الحرية في التسكع في الأسواق .. ومضاجعة الرفاق ..
هل الحرية في مكالمة شاب فاجر .. أو الخلوة بذئب غادر ..
أليس الحرية الحقيقية .. والسيادة النقية .. هي أن تكوني عفيفة مستترة ..
أبوك يرأف عليك .. وزوجك يحسن إليك ..
وأخوك يحرسك بين يديك .. وولدك ينطرح على قدميك ..
وهذه هي الكرامة العظيمة التي أرادها الله تعالى لك ..
فلقد أوصى الله بك أباك وأمك :
فقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم : ( من عال جاريتين حتى تبلغا .. جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه ) ..
وأوصى بك أولادك فقال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين .. للرجل الذي سأله فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
قال : أمك .. ثم أمك .. ثم أمك .. ثم أبوك ..
بل أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة زوجها .. وذمّ من غاضب زوجته أو أساء إليها .. فعند مسلم والترمذي ..أن النبي صلى الله عليه وسلم قام في حجة الوداع .. فإذا بين يديه مائةُ ألف حاج .. فيهم الأسود والأبيض .. والكبير والصغير .. والغني والفقير .. صاح صلى الله عليه وسلم بهؤلاء جميعاً وقال لهم : ألا واستوصوا بالنساء خيراً .. ألا واستوصوا بالنساء خيراً ..
وروى أبو داود وغيره .. أنه في يوم من الأيام أطاف بأزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشتكين أزواجهن ..فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .. قام .. وقال للناس : لقد طاف بآل محمد صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشتكين أزواجهن .. ليس أولائك بخياركم ..
وصحّ عند ابن ماجة والترمذي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ..
بل .. قد بلغ من إكرام الدين للمرأة .. أنها كانت تقوم الحروب .. وتسحق الجماجم ..
وتتطاير الرؤوس .. لأجل عرض امرأة واحدة ..
ذكر أصحاب السير :
أن اليهود كانوا يساكنون المسلمين في المدينة ..
وكان يغيظهم نزولُ الأمر بالحجاب .. وتسترُ المسلمات .. ويحاولون أن يزرعوا الفساد
والتكشف في صفوف المسلمات .. فما استطاعوا ..
وفي أحد الأيام جاءت امرأة مسلمة إلى سوق يهود بني قينقاع ..
وكانت عفيفة متسترة .. فجلست إلى صائغ هناك منهم ..
فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها .. وودوا لو يتلذذون بالنظر إلى وجهها .. أو لمسِها والعبثِ بها .. كما كانوا يفعلون ذلك قبل إكرامها بالإسلام .. فجعلوا يريدونها على كشف وجهها .. ويغرونها لتنزع حجابها .. فأبت .. وتمنعت .. فغافلها الصائغ وهي جالسة .. وأخذ طرف ثوبها من الأسفل .. وربطه إلى طرف خمارها المتدلي على ظهرها .. فلما قامت .. ارتفع ثوبها من ورائها .. وانكشفت سوأتها .. فضحك اليهود منها.. فصاحت المسلمة العفيفة .. وودت لو قتلوها ولم يكشفوا عورتها .. فلما رأى ذلك رجل من المسلمين .. سلَّ سيفه .. ووثب على الصائغ فقتله ..فشد اليهود على المسلم فقتلوه ..
فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك .. وأن اليهود قد نقضوا العـهد وتعرضوا للمسلمات .. حاصرهم .. حتى استسلموا ونزلوا على حكمه ..
فلما أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينكل بهم .. ويثأر لعرض المسلمة العفيفة ..
قام إليه جندي من جند الشيطان .. الذين لا يهمهم عرض المسلمات .. ولا صيانة المكرمات .. وإنما هم أحدهم متعة بطنه وفرجه ..
قام رأس المنافقين .. عبد الله بن أبي ابن سلول ..
فقال : يا محمد أحسن في موالي اليهود وكانوا أنصاره في الجاهلية ..
فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم .. وأبى ..
إذ كيف يطلب العفو عن أقوام يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا ..فقام المنافق
مرة أخرى .. وقال : يا محمد أحسن إليهم .. فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم .. صيانة لعرض المسلمات .. وغيرة على العفيفات ..
فغضب ذلك المنافق .. وأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه وسلم .. وجرَّه وهو يردد : أحسن إلى مواليّ .. أحسن إلى مواليّ ..
فغضب النبي صلى الله عليه وسلم والتفت إليه وصاح به وقال : أرسلني ..
فأبى المنافق .. وأخذ يناشد النبي صلى الله عليه وسلم العدول عن قتلهم ..
فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال : هم لك ..
ثم عدل عن قتلهم .. لكنه صلى الله عليه وسلم أخرجهم من المدينة .. وطرَّدهم من ديارهم ..
إن الصالحات .. القابضات على الجمر .. عفيفاتٌ مستوراتٌ ..
تموت إحداهن ولا تهتك سترها ..
بل قد .. ذكر ابن عبد البر في الاستيعاب ..
أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. كانت دائمة الستر والعفاف ..
فلما حضرها الموت ..
فكرت في حالها وقد وضعت جثتها على النعش .. وألقي عليها الكساء .. فالتفتت إلى أسماء بنت عميس ..
وقالت يا أسماء : إني قد استقبحت ما يُصنع بالنساء ..
إنه ليطرح على جسد المرأة الثوب فيصف حجم أعضائها لكل من رأى ..
فقالت أسماء : يا بنت رسول الله .. أنا أريك شيئا رأيته بأرض الحبشة ..
قالت : ماذا رأيتِ .. فدعت أسماء بجريدة نخل رطبة فحنتها .. حتى صارت مقوّسة كالقبة .. ثم طرحت عليها ثوباً .. فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله .. تُعرف بها المرأة من الرجل ..فلما توفيت فاطمة .. جعل لها مثل هودج العروس .. هذا حرص فاطمة على الستر وهي جثة هامدة .. فكيف لما كانت حية ؟!
سبحان الله !!
أين أولئك الفتيات المسلمات .. اللاتي نعلم أنهن يحببن الله ورسوله .. وقلوبهن تشتاق إلى الجنة .. ولكن مع ذلك :
تذهب إحداهن إلى المشغل النسائي فتكشف عورتها طائعة مختارة لتقوم امرأة أخرى بإزالة الشعر من أجزاء جسدها .. وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه الترمذي : ( ما من امرأة تضع ثيابها .. في غير بيت زوجها .. إلا هتكت الستر بينها وبين ربها ) .
والنبي صلى الله عليه وسلم قد قال فيما صح عند البيهقي : ( شر نسائكم المتبرجات المتخيلات ، وهن المنافقات ، لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم ) ..
بل .. أين الفتيات المسلمات اللاتي نؤمل فيهن أن ينصرن الإسلام .. ويبذلن أنفسهن وأرواحهن خدمة لهذا الدين ..
فنفاجأ بإحداهن قد لبست العباءة المطرّزة .. أو الكعب العالي .. ثم ذهبت إلى سوق ..
أو حديقة .. أو تلبس إحداهن البنطال .. وتقول : لا يراني إلا إخوتي .. أو أنا ألبسه بين النساء .. وكل هذا لا يجوز .. كما أفتى بذلك العلماء ..
بل قد تزيد بعض النساء بأن لا تكتفي بعمل المعصية بل تجرّ غيرها من الفتيات إليها .. فتنشر الصور المحرّمة .. أو أرقام الهواتف المشبوهة .. أو المجلات المليئة بالعهر والفساد .. والله تعالى يقول : { إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون } ..
ــ
إن تساهل المرأة بالتكشف والسفور .. يؤدي إلى فساد حياتها .. وأن تكون أحقر عند الناس من كل أحد ..
سألت عدداً من الشباب .. ممن يتتبعون الفتيات في الأسواق وعند بوابات المدارس ..
كيف تنظرون إلى الفتاة التي تستجيب لكم فقالوا لي جميعاً – والله - : إننا نحتقرها ونلعب بها وبعقلها .. فإذا شبعنا منها ركلناها بأرجلنا .. بل قال لي أحدهم : والله يا شيخ إني إذا ذهبت إلى السوق ورأيت فتاة عفيفة قد جمعت على نفسها ثيابها فإنها تكبر في عيني .. ولا أجرؤ على الاقتراب منها .. بل والله لو رأيت أحداً يقترب منها لتشاجرت معه ..
بل انظري إلى ما يحدث في البلاد التي يزعمون أن فيها حرّية ..
فقد بلغت المرأة من التكشف والسفور .. بل التفسخ والانحطاط .. ما ندمت عليه ..
يغتصب يومياً في أمريكا ألفٌ وتسعمائة فتاة .. عشرون في المائة منهن يغتصبن من قبل آبائهن ..!!
ويقتل سنوياً في أمريكا مليون طفل ما بين إجهاض متعمد أو قتل فور الولادة !! وبلغت
نسبة الطلاق في أمريكا ستين في المائة من عدد الزيجات ..!! وفي بريطانيا مائة وسبعون شابة تحمل سفاحاً كلَّ أسبوع !!
كم من امرأة هناك والله تتمنى ما أنتِ عليه من تستر وعفاف ..
بل إن النساء لما تكشفت هناك .. انتشرت الفواحش .. وكثرت السرقات وأنواع الجرائم ..
والشيطان طالما استعمل بعض النساء لتحقيق الفساد في الأرض .. ومن استغواها الشيطان .. فأطاعته وقدمت شهوات نفسها .. وتتبعت الموضات .. في اللباس .. والعباءة .. والنمص .. والوشم .. والأغاني .. والأفلام .. والمجلات .. وصارت هذه الشهوات أغلى عندها من اتباع شريعة ربها .. فهي عاصية .. وما خلقت النار إلا لتأديب العصاة ..
أخرج مسلم عن حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم يوماً .. فسمعنا وجبة .. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أتدرون ما هذا ؟
فقلنا : الله و رسوله أعلم ..
قال : هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفاً .. فالآن انتهى إلى قعرها ..قال الله : { خالدين فيها أبداً لا يجدون ولياً ولا نصيراً * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا أطعنا الله وأطعنا الرسولا * وقالوا ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا السبيلا * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعناً كبيراً } ..
{ إن المجرمين في عذاب جهنم خالدون * لا يفتر عنهم وهم فيه مبلسون * وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين * ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم ماكثون * لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق كارهون } ..
أما طعامهم فيها فشجرة الزقوم : { إن شجرة الزقوم * طعام الأثيم * كالمهل يغلي في البطون * كغلي الحميم * خذوه فاعتلوه إلى سواء الجحيم * ثم صبوا فوق رأسه من عذاب الحميم * ذق إنك أنت العزيز الكريم * إن هذا ما كنتم به تمترون } ..
أما حالهم في المحشر بين الناس فهم كما قال الله :{ ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عمياً وبكماً وصماً مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيراً } ..
هذا حال من عصت ربها .. وأهملت آخرتها ..
حتى خفت موازينها .. وتبرأ منها أبوها وأمها ..
ولم تنفعها صديقاتها .. ولا أساورها ومجلاتها ..
وأهل النار .. هم في النار لا ينامون ولا يموتون ..
يمشون على النار .. ويجلسون على النار ..
ويشربون من صديد أهل النار .. ويأكلون من زقوم النار ..
فرشهم نار .. ولحفهم نار .. وثيابهم ونار .. وتغشى وجوههم النار ..
قد ربطوا بسلاسل بأيدي الخزنة أطرافها ..
يجرونهم بها في النار .. فيسيل صديدهم .. ويرتفع صراخهم ..
ويلقى الجرب على جلودهم .. فيحكّون جلودهم .. حتى تبدو العظام ..
ولو أن رجلاً أدخل النار .. ثم أخرج منها إلى الأرض ..
لمات أهل الأرض من نتن ريحه .. وتشوّه خلقه ..
{ فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون * ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون * تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون * ألم تكن آياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون * قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين * ربنا أخرجنا منها فإن عدنا فإنا ظالمون * قال اخسؤوا فيها ولا تكلمون } ..
{ فكبكبوا فيها هم والغاوون * وجنود إبليس أجمعون * قالوا وهم فيها يختصمون * تالله إن كنا لفي ضلال مبين * إذ نسويكم برب العالمين * وما أضلنا إلا المجرمون * فما لنا من شافعين * ولا صديق حميم * فلو أن لنا كرة فنكون من المؤمنين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم }
ــ
والقابضات على الجمر ..
لا تعيش إحداهن لنفسها فقط .. بل تحمل هم هذا الدين .. ليس هم إحداهن لباسها وحذاؤها .. وتسريحة شعرها .. وإنما همها الأكبر كيف تخدم هذا الدين .. إذا رأت عاصية فكيف تنصحها .. فتجدين أنها مباركة أينما كانت .. تفيد النساء في مجالسهن ..
توزع عليهن الأشرطة النافعة .. تنصح هذه .. وتتودد إلى هذه .. فهي أحسن الناس قولاً .. { ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال إنني من المسلمين }
* * * * * * * *
القابضات على الجمر ..
هن نساء صالحات .. تغض إحداهن بصرها عن النظر إلى الرجال .. بل وتغض بصرها عن النظر إلى من قد تُفتن بها من النساء .. ومن تساهلت بالنظر الحرام .. والخلوة المحرمة .. جرّها ذلك إلى كبيرة الزنا .. أو السحاق عياذاً بالله .. { ولا تقربوا الزنى إنه كان فاحشة وساء سبيلاً } ..
وعند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجالاً ونساءً عراة في مكان ضيق مثل التنور .. أسفله واسع وأعلاه ضيق .. وهم يصيحون ويصرخون .. وإذا هم يأتيهم لهب من أسفل منهم .. فإذا أتاهم ذلك اللهب صاحوا من شدة حره ..قال صلى الله عليه وسلم : فقلت : من هؤلاء يا جبريل ؟
قال : هؤلاء الزناة والزواني .. فهذا عذابهم إلى يوم القيامة .. ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .. نسأل الله العفو والعافية .
ومن تساهلت بالمعصية الصغيرة جرتها إلى الكبيرة .. وخشي عليها من سوء الخاتمة ..
والله يقول { يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان } ..
ذكر ابن جرير في تفسيره .. إن راهباً من بني إسرائيل تعبد ستين سنة .. وأن الشيطان أراد أن يغويه فلم يقدر عليه .. فمرضت فتاة لها ثلاثة إخوة ..
فجاؤوا بها إليه .. وجعلوها في بيت قريب منه .. ليأتي إليها ويداويها ..
فوسوس له الشيطان مراراً .. حتى خلا بها .. فوقع عليها وحملت منه ..
فقال له الشيطان : الآن يعلم أخوتها .. فيفضحوك ..
فاقتلها .. وقل لهم : ماتت فصليت عليها ودفنتها ..
فعمد إليها فقتلها ودفنها .. فلم يلبث أخوتها أن علموا به ..
فاشتكوه إلى ملكهم فأمر بصلبه وقتله ..
فلما رُبط ليقتل .. أتاه الشيطان .. وقال له :
أنا صاحبك الذي وسوست لك حتى أوقعتك ..
فاسجد لي سجدة واحدة .. وأخلصك مما أنت فيه ..
فخرّ له الراهب ساجداً .. فلما سجد له .. قال له الشيطان : إني بريء منك .. إني أخاف الله رب العالمين ..
فذلك قوله : { كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريء منك إني أخاف الله رب العالمين * فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها وذلك جزاء الظالمين } ..
واعلمي أن المؤمنات إذا ذُكرن تذكرن ..
ذكر ابن قدامة في كتابه التوابين :
أن قوماً فساق .. أمروا امرأة ذات جمال أن تتعرض للربيع بن خثيم فلعلها تفتنه .. وجعلوا لها إن فعلت ذلك ألف درهم ..
فلبست أحسن ما قدرت عليه من الثياب .. وتطيبت بأطيب ما قدرت عليه ..ثم تعرضت له حين خرج من مسجده .. فنظر إليها .. فراعه أمرها فأقبلت عليه وهي سافرة ..
فقال لها الربيع : كيف بك لو قد نزلت الحمى بجسمك فغيرت ما أرى من لونك وبهجتك ؟ أم كيف بك لو قد نزل بك ملك الموت فقطع منك حبل الوتين ؟ أم كيف بك لو قد ساء بك منكر ونكير ؟ فصرخت صرخة .. وبكت .. ثم تولت إلى بيتها .. وتعبدت .. حتى ماتت ..
وذكر العجلي في تاريخه :
أن امرأة جميلة بمكة وكان لها زوج فنظرت يوماً إلى وجهها في المرآة ..
فقالت لزوجها : أترى يرى أحد هذا الوجه ولا يفتتن به ؟!
قال : نعم .. قالت : من ؟! قال : عبيد بن عمير العابد الزاهد في الحرم ..
قالت : أرأيت إن فتنته .. وأكشف وجهي عنده ..
قال : قد أذنت لك ..فاتته كالمستفتية فخلا معها في ناحية من المسجد الحرام ..فأسفرت عن وجه مثل فلقة القمر ..
فقال لها : يا أمة الله .. غطي وجهك واتق الله ..
فقالت : إني قد فتنت بك ..
فقال : إني سائلك عن شيء .. فإن أنت صدقت .. نظرت في أمرك ..
قالت : لا تسألني عن شيء إلا صدقتك ..
قال : اخبريني .. لو أن ملك الموت أتاك يقبض روحك .. أكان يسرك أني قضيت لك هذه الحاجة ..
قالت : اللهم لا ..
قال : فلو أدخلت في قبرك فأجلست للمساءلة .. أكان يسرك إني قضيت لك هذه الحاجة ؟..
قالت : اللهم لا ..
قال : فلو أن الناس أعطوا كتبهم ولا تدرين تأخذين كتابك بيمينك أم بشمالك .. أكان يسرك أنى قضيت لك هذه الحاجة ؟
قالت : اللهم لا ..
قال : فلو أردت المرور على الصراط ولا تدرين تنجين أم لا .. كان يسرك أنى قضيت لك هذه الحاجة ..
قالت : اللهم لا .. قال : فلو جيء بالموازين وجيء بك لا تدرين تخفين أم تثقلين .. كان يسرك إني قضيت لك هذه الحاجة ؟
قالت : اللهم لا ..
قال : فلو وقفت بين يدي الله للمساءلة .. كان يسرك إني قضيت لك هذه الحاجة ؟
قالت : اللهم لا ..قال : فاتقي الله يا أمة الله .. فقد أنعم الله عليك وأحسن إليك .. فرجعت إلى زوجها ..
فقال : ما صنعت ؟
قالت : أنت بطال .. ونحن بطالون .. الناس يتعبدون ويستعدون للآخرة .. وأنا وأنت على هذا الحال ..
فأقبلت على الصلاة والصوم والعبادة .. حتى ماتت ..
وختاماً :
أيتها الجوهرة المكنونة .. والدرةُ المصونة ..
يا مربية الأجيال .. وصانعة الرجال ..
هذه وصايا استخرجتها لك من مكنون نصحي ..
سكبت فيها روحي .. وصدقتكِ فيها النصحَ والتوجيه ..
أسأل الله تعالى أن يحفظك ويحميك من كل سوء ..
وأن يجعلك مباركة في نفسك وأهلك وولدك ..
اللهم وفق وليَّ أمرنا لمل تحب وترضى
منقول