"حسين"..
مأساة مواطن فقير بالكاد يحيا، لفظته الحياة فهرب منها على غير رغبة منه إلى غيبوبة، ورأى الأطباء خطئاً أو رأفة بظروفه أن يسدل الستار على معاناته ويستخرجوا له تصريح دفن، لكن الموت لم يكن به أرحم من الحياة، ولم يحتمله أكثر من ثلاثة ليال ثم ضاق به فقذفه لحياة أقسى من الموت.
الواقعة هي قصة حقيقية وليست إبداع خيال كاتب أو شاعر أو أديب، فالمأساة هي لمواطن مات أو "هكذا اعتبروه" لمدة ثلاثة أيام قضاها داخل القبر، ثم عاد بعدها للحياة مرة أخرى كشاهد حي وتجسيد لأمراض المجتمع من إهمال وفوضى وعشوائية وتلخيص لعلل السواد الأعظم للمصريين من فقر ومرض وجهل.
القصة كما يرويها حسين "الميت الحي" إذا جاز التعبير، لبرنامج "صبايا" على قناة المحور والذي تقدمه الإعلامية ريهام سعيد، تبدأ مع عودته من عمله ذات ليلة، حيث يعمل خراطا، وتناوله عشائه المعتاد وذهابه في نوم عميق لم يفق منه إلا بعدها بخمسة أيام، حيث أصيب بغيبوبة صباح اليوم التالي، قرر الأطباء على إثرها أنه مات مسموما وتم نقله إلى مستشفى أحمد ماهر حيث استخرجت له شهادة الوفاة وتصريح الدفن.
شاهد الفيديو
مواطن يعود للحياةوكالمعتاد في مثل هذه المناسبات غُسل الفقيد وصُلي عليه صلاة الجنازة ووري جثمانه الثرى بجوار جثمان والده، وأقام أهله سرادق لتلقي العزاء وسط حالة من الحزن الشديد ومراسم الحداد القاسية، خاصة وأن الفقيد "الحي" كان حينها في ريعان شبابه ولم يمر على زواجه سوى شهرين فقط.
المفاجأة أو المعجزة كما يرويها صاحبها أنه وبعد ثلاثة أيام من دفنه وتواجده بالقبر استيقظ حسين من "موته" أو غيبوبته ليجد نفسه محاطا بالظلام مرتديا زيا من قطعة واحدة مدعمة بكمية من القطن، وهنا يقول حسين" قمت مش شايف أي حاجه وقعدت أحسس لقيت قطن في كل جسمي وحسست لقيت الأخوه الميتين حواليا جثث ومكتتش شايف، الدنيا كانت ضلمه ،صّوت.. شعري وقف ووداني وجسمي قشعر وقعدت أرتعش".
وتابع حسين سرد قصة خمسة أيام قضاها في عالم الأموات انه بهد استيقاظه في اليوم الثالث على تلك المفاجأة ظل يصرخ وحاول الخروج من القبر باتجاه السلالم المؤدية لباب المدافن إلا أن شيئا ما أو شخص ما أمسك بقدمه مما أصابها بالتيبس إلى الآن وبجرح غائر، ثم يقول حسين" قعدت ازحف وقعدت يومين على السلم أصرخ وأنادي على حد ينقذني وفي اليوم الخامس التربي جاب تصريح وأول ما دخل وشافني جاتله أزمه قلبيه ومات".
شاهد الفيديو
مواطن يعود للحياةوواصل حسين العائد للحياة بعد ثلاثة أيام من الموت أنه بعد ما حدث له ومشاهدته لحادث موت "التربي" تم نقله لمستشفى أحمد ماهر وفور علم والدته بالواقعة جاءت لزيارته وبمجرد أن رأته ابتسمت ثم سقطت مفارقة الحياة، بعدها يقول حسين إنه ظل بالمستشفى فاقدا للقدرة على الكلام لمدة ثلاثة شهور قبل أن يغادرها عائدا لحجرته مرة أخرى.
وحول موقفه من الطبيب الذي استخرج له شهادة الوفاة خطئا يقول حسين إنه عندما عاد حيا لمتشفى أحمد ماهر بعد خمسة أيام من خروجه منها ميتا، هرب مدير المستشفي والطبيب بعد أن شطبوا اسمه من سجلات ودفاتر المستشفى، ما أعاق إثبات أنه خرج منها ميتا.
ولم تقتصر توابع رحلة حسين من الحياة إلى القبر ثم العودة للحياة مرة أخرى على هذا بل قامت زوجته بطلب الطلاق متعللة بأنه ليس بشر وأنه "عفريت حسين" وبهذا تكون عودة حسين للحياة مرة أخرى كلفت " والدته والحانوتي" حياتهما.
ثم يتابع البرنامج عرض مأساة حسين الذي عاد للحياة مرة أخرى، ولكنها حياة أقسى وأصعب من الموت، حيث عاد حسين بجسد ضعيف وصحة معتلة، ووساوس قهرية تطارده، وأشباح من عالم آخر يدعي أنها تسكن معه وتقوم على قضاء حاجاته، فدخله لا يتعدى 200 جنيه يجمعهم من معاش والدته بالإضافة إلى بعض المساعدات، وعالمه ينحصر في غرفة ضيقة، وسط مجموعة من المساكن العشوائية، وفيها ينام ويصحو وحتى انه فيها يقضي حاجته، ما أصعبها حياة وما أقساها تجربة ومأساة.